الرئيسية » , , » التموين والتجهيز في المملكة بين أباطرة الريع و مأسسة القطاع-الباتول السواط

التموين والتجهيز في المملكة بين أباطرة الريع و مأسسة القطاع-الباتول السواط


التموين والتجهيز في المملكة بين أباطرة الريع ومأسسة القطاع

الباتول السواط

يبدو أن التموين و التجهيز بالمملكة من أكثر القطاعات حيوية بالدولة و هو في ذات الوقت من أكثر الأنشطة الاقتصادية ريعا و فسادا و تداخل المصالح تصل الى مراكز حساسة نظرا للميزانيات الضخمة المرصودة و المتواطئين على هذا النشاط لجعله ديناصورا غير حاضر في النقاش المدني و السياسي و المؤسساتي الضرائبي أو بشكل عام تقنينه ، بالتالي من هي الجهة التي تسعى بلوبياتها و بالوناتها الضخمة حصره في يد متنفذة ؟ و ماهو الغطاء الحامي ل”المحميون الجدد “الذين هم خارج قوانين الدولة ..؟ و ما هي المخرجات الحقيقية لهذا القطاع الحيوي ..؟

بداية لابد الإشارة ألى أن العمل المدني يجسد الوعي بالمسؤولية الحقيقة و يساهم في الحركية و الدينامية سواء للمجتمع أو من خلال تمظهر دمقرطة الدولة ، ففي هذا السياق عرف قطاع التموين و التجهيز و التنظيم (الحفلات ، مهرجانات ، تغذية ، صفقات عمومية … ) تنظيمات مدنية تدنو للمأسسة و التنظيم ، مع بروز القوى المنتفعة بعدما انقشع عمل مدني من قواعد هذا القطاع جدي يناقش مدى الشفافية داخل دوائر الدولة في توزيع الأنشطة الاقتصادية بشكل عادل و تساؤلات مالية من تهربات و فساد قائم على مختلف الأصعدة ،و على ذات الإيقاع أسئلة أخرى تتعلق بضعف القوانين و التقنين مع تجويد الخدمات في سياق المتغيرات من جانب وظيفي داخل الاقتصاد الوطني و ما يفرزه من تجاذبات من طرف الفاعلين فيه سواء بتوضيح المهام أ و تصريفها مع المؤسسات الرسمية ،لإيجاد مقاربات محفزة و مبدعة تعتمد على الإنصاف و فلسفة التلاحم مع الصالح العام و تحقق التطلع و التكتل ، لكن هذه المطارحات الحاملة لمشاريع التنمية و العدالة الاجتماعية كان لابد لها أن تتعرقل من مواقع نكوصية تقف على جانب تفكيك هذه المشاريع الوطنية فعمدت إلى شرذمتها تحت أي ظرف و بأي عنوان حتى لو دعا الأمر الخروج من عرينها و انكشافها … بل كشفت معها جهات ارتوت وحدها دون الانخراط في المناخ الإيجابي للدولة ، و هذه تعتبر خطوة أولى للمضي قدما بصرف النظر عن القدرات التي يمتلكونها من نفوذ ومال و التغلل داخل مفاصل الدولة ، بالتالي هي مقاييس ” حرب استنزاف ” تتطلب أحيانا التضحيات .
و بهذا يتعين على الجميع بهذا القطاع الحيوي الاضطلاع بصعوبة المعركة الى جانب القيادة الوطنية العليا التي تصوغ الإرادة الواعية المتدفقة بالبناء وفق ضمانات قانونية و مقاربات اجتماعية ، لذالك فالرهان الأساسي في هذه المعركة الوجودية هي محددات ثالوثية أساسية :

1/: تقنين القطاع و المساهمة في نقله الى قطاع فاعل داخل الاقتصاد الوطني

من المؤكد أن التموين و التجهيز و التنظيم جزء من الاقتصاد الوطني غير المهيكل يعرف التشرذم و غياب التنسيق في عدة جوانب محورية من تقنين إلى إشكالات قانونية و مسائل تتعلق بالفاعلية للقطاع و محورته داخل الاقتصاد الوطني، لأنه جزء من الحركية الاقتصادية و الاجتماعية التي تحقق التنمية للعاملين بهذا القطاع و اليد العاملة التي تشغلها ، إذن كيف نواجه هذه الاختلالات ؟ و ما السُبل لإيجاد مخرجات لها ؟

من بين الصعوبات التي يعرفها القطاع هو صياغة منظور عام في مقاربة تقنين القطاع المرتبط بالمجتمع و الدولة ، فبدل العمل على مواصلة الجهد في إعادة قراءة السياق العمومي ، نجد التشتت و العمل الانفرادي و الاستفراد دون العمل على الوحدة كخطوة إيجابية تقع ضمن استراتيجية التنمية و التدخل لتكسير مسلسل الإقصاء والتهميش، وهنا يجب التأكيد على الانخراط في مشروع حقيقي من اجل تمنيع القطاع من مخاطر قانونية و إفلاسه تكمن في مأسسة قطاع الممونين بالمغرب و توسيع دائرته ثم التضييق على المربع الفاسد ، عبر وضع آليات جديدة موصولة بالمشروع التنموي و مقاربات تشجع الانخراط في الاقتصاد الوطني تُحقق التوزيع العادل للفرص و تفتح آفاق الانتظارات بأرضية صلبة مع تصليب شوكة هذا القطاع كمخاطب أساسي بديلا للمنظومة الريعية و اطاراتها المدفوعة بإيعاز من الجهة الحامية لها.

2/ أجرأة العدالة الاجتماعية كمحصلة نهائية للتفاعل مع المتغيرات التى أقرها دستور البلاد

إن التحول و الافراز الذي عرفته المملكة المغربية على مستوى القوانين و الإنجازات ، أضحت اليوم تشكل إشكاليات أخرى و أزمة حقيقة ، فبروز بعض المتخفين في الواجهة عرّض معظم الممونين الصغار والمتوسطين الاستفادة من المناخ العام الإيجابي بتأثيرات متباينة حسب كل منطقة وخصوصيتها ، من بينها على سبيل المثال لا الحصر :

هيمنة البعض على التموين للحفلات و المنتظمات و الندوات والصفقات … مستغلة نفوذها و شبكة من الزبونية ، بالتالي حرمت قطاعا واسعا من الممونين ضاربة بهذه الأعمال مفاهيم التضامنية بين المواطنين و كل البرامج الإنمائية بالبلد ، لذالك نجد حدود تأثير هذه البرامج على المستويات الدنيا و المتوسطة ، لأن المقاربة المعتمدة رسميا هي التكافؤ ، لكن على أرض الواقع تظل أطروحة لأزمة أخلاقية تناهض كل القيم التضامنية و التكافل إلي ضمنها دستور فاتح يوليوز 2011 .
فالقدرة الآن هي التفاعل الإيجابي كمحصلة مع التطلعات التي يجب الاضطلاع إليها التي ستهزم كل الوسائط المعتمدة سواء على علاقتها أ و منطقها الإقصائي ، بتدابير قانونية تخليقا للمهنة و تحقيق المهام الملقاة على الفاعلين الحقيقين في هذا الميدان و نخص المغاربة الأحرار ، فالقناعة المترسخة في هذه اللحظة هو فرض تسريع المقتضيات الدستورية و غايته الإنسانية المنفتحة على قيم العدالة الاجتماعية و تقليص الهيمنة و مشاربها التي تختزل الحق في الشغل و التكافؤ و العمل ، التي تعبر عن الدور المركزي و التوازن الديناميكي بين الحق في التكافؤ و المستوى الإقصائي للأقلية المهيمنة على القطاع .
و بهذا المعنى فهذا التصور الموضوعي يعتبر يد بيضاء في صياغة المطالب للتعامل مع القطاع ، بمنطلقات دستورية المنصوص عليها و متفق عليها لأجل إخراجها لحيز الوجود ، تثمينا لكل الجهود الإنمائية المبذولة بالتالي الاعتراف به .

3/: التعاون الجدي و الفعال مع الشركاء داخل مؤسسات الدولة : مخرجات للاحتكارية في أفق مستقبلي يحمل نظرة ثقة منفتحة و منبثقة من الحيوية و الدينامية التي تعرفها البلاد:

إن الإجابة عن أسئلة ممتهني قطاع الممونين و التنظيم بالمغرب يفرز مهام أساسية من أجل بناء تجربة ليس موضوع تنافر بل تلامس الواقع و تقرب الرؤى من خلال قراءة جماعية ، لهذا فالتعبير و الالتزام في المعركة التي تم الإشارة إليها مقدما لا تنطوي على التشاؤمية بقدر المسار العقلاني و مقاربات تُدشن علاقة شراكة واضحة شفافة خاصة مع المؤسسات الحكومية التي يجب عليها أن تقر بالوضوح و الالتزام بالتوجهات العليا بالمملكة .
إن التقهقر لممتهني هذا القطاع نتيجة التخلف عن الحركة الاجتماعية الواقعية و المقتضيات القانونية التي تمنح مجالا رحبا للأفاق و السبق للمبادرة و احداث تغيير نوعي في التعاطي مع القوانين و الشركاء خاصة الدولة و طرق تدبيرها للصفقات التي تشوبها الشبهات المُحتكرة من طرف أقلية ريعية أفسدت معها كل الطاقات الخلاقة خاصة داخل دوائر موظفي الدولة دون الأغلبية الساحقة التي تمتلك نفس المؤهلات ، بل الأفضل تنتمي لها مختلف شرائح المجتمع محركة للدورة الاقتصادية و مساهمة في محاربة العطالة و الإقصاء و التهميش …
فالعمل على الوحدة هو صلب الاهتمام للمساهمة في صنع توازنات حاسمة و ناجعة للإقرار بالوجود و إحراج منظومة الريع و “المحميون الجدد” ، التي تعتبر أولوية الأوليات في رص الصف من أجل تكوين مقترحات موحدة تعالج إشكاليات قطاع الممونين بالمغرب للوصول إلى الغاية : شريك حقيقي مع الدولة يساهم في التنمية عبر استصدار مواقف الاعتراف و قوانين واضحة المعالم و عدالة ضريبية و الشفافية نابعة من هموم القطاع له وزنه التفاوضي ألاقتراحي .

خلاصة:

إن الدعوة إلى الأسس الواضحة و خط يؤمن المخرجات بالبعد عن الفئوية هو العمل على المستقبل ملامسا جوهر العدالة و التكافؤ في الفرص كعنصر أساسي للتنمية و إيمان عميق بالوطن لضمان حزام آمن لدولة من هؤلاء المتريعين من ممتهني هذا القطاع .

0 comments:

إرسال تعليق

Translate/ترجمة

محمد VI ملك المملكة المغربية

محمد VI ملك المملكة المغربية
ليس هناك درجات في الوطنية، ولا في الخيانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا، وإما ان يكون خائنا
 
جميع الحقوق محفوضة موقع العرائشية 2013 اتصل بنا