الرئيسية » , , , , , » مسرحية " الموقف " حكاية وطن بأكمله ..!

مسرحية " الموقف " حكاية وطن بأكمله ..!

 6 مايو 2019
بقلم : عبد القادر العفسي 


بفضاء دار الثقافة بالعرائش الرابع من ماي من السنة الجارية قدمت “جمعية فن المسرح بالعرائش ” ب ” تعاون المركز الثقافي العرائش “مسرحية “الموقف ” من تأليف و إخراج ذ “خالد ديدان” و أداء الفنان المتميز ” الرياحي بادي” و المسرحية الاستثنائية الجميلة السيدة ” مريم البربوشي ” و “عبد الودود البركاني ” ، و تتحدث الشخصيات عن الكشف و الحب و السؤال و الحقيقية و الهوية و الانتماء … في عملية ذهنية تحاكي الصراع بين الانسان و الزمان و الطبيعة في علاقة زمكانية حول المواجهة و آليتها بنطاق فلسفي صرف . 

مسرحية “الموقف ” تعددت فيها القضايا و التفاصيل المؤلمة من كوميديا سوداء و الضمير تجاه ما تتأثر به الجماعة من أحداث اجتماعية و سياسية و اقتصادية ، و لعل شخصية “العربي ” كانت محاولة من المخرج ليعد كتابة النص الواقعي بسحرية حكائية لتاريخ و الواقع انطلاقا من سندبادية “العربي” متنقلا من بلاد المغرب الى فرنسا في احاء ضمني للمستعمر ليحرك الوجع و يجسد بفكر ناضج الجرأة في التعاطي مع قضايا الهجرة و القضايا الوطنية من حرية و كرامة و العيش المشترك ، حيث مثلت شخصية “جاكلين” نموذج فاقع ” للإسلام فوبيا ” و العنصرية و الخوف من الاخر في راهنية لمنظور دول الشمال الى الجنوب بخطابات متعالية عن القيم الانسانية لتزيد الرقعة اتساع الهوية ، لذالك فعنوان “الموقف “هي دعوة الى التأمل و التفكير في الفراغ الوجداني و الاغتراب و التناقضات الداخلية التي يعرفها الوطن المغيبة بعدة تأثيرات تشمل استلاب الانسان ، خاصة في مشهد نفسي حزين “للعربي” و هو يطالب رجل سلطة بجواز سفر ليبحث عن السؤال عن الاب الذي افتقده بقوة طبيعة الزمن و العيش ليظهر عندها الصراع المقصود بين المجتمع و السلطة و بين الاحداث المتسارعة التي تعرفها المنطقة العربية من جملة التسلط و القهر ، إلا أن المخرج أضاف لهذه المشاهد المتعددة في الزمان و المكان وظيفة الجمالية ليتداخل النص المحكم و القيم الاجتماعية لتتكامل عنده الامتاع و السفر عبر الزمن بالإقناع ليسمو الى أهداف أكبر مما تكون عليها النصوص المتداولة في المسرح المغربي بضحالته و دونيته الرسالية . 

لقد استجاب المخرج “خالد ديدان ” الى مجابهة خطابات التطرف و العداء للإنسانية بصفة عمدت الابداع عن طريق الممكن ليحكم قبضته على النص في مشهد ولد الحيرة و السؤال بغية التواصل عن دواعي التعصب مادام الخلق من تراب و يعود الى التراب ، حيث اختصره في دفن ” روزا أو وردة ” زوجة اب “العرابي ” في مقبرة مسيحية و تفاصيل الشموع الثلاث ظهرت كوحدة فنية حوّلها الى سينوغرافيا جمالية بين الظلام السريع و الانتقال الى مشهد آخر دون التشتيت عن المعاني الرسالية داخل الركح ، شملت كافة النظم الثقافية و الاجتماعية و الموروث و العقائد …، و بصرف النظر عن مساحة الفعل المسرحي “الموقف ” استطاعت فرقة الاداء ان تقود العمل باحترافية و تبرز الرؤية الاخراجية في العرض باستخدم اللغة الدارجة المغربية و الفصحى و الفرنسية و بين استخدام زجاجة النبيد من طرف “جاكلين ” في سياق برجوازي و سياق ايديولوجي الامر الذي جعل الاحداث أكثر عمقا وذكاء .

كما تجلى العمل المسرحي بمعناه المكاني و الزمني في مختلفها بالتعاقب و تناغم الاضاءة بالحالات النفسية و هيمنة الالوان القاتمة المركزة و العناصر البصرية و الحوار و الموسيقى يمنح إمكانية تقسيم العمل الى ايقاع و ايماء و دراتولوجيا و سرد و سينوغرافيا تتضح من خلال تسائل “العربي” عن الحقيقة التي لا يجد لها تفسير و تذوب كلما اقترب من جزئيتها و هو يحتج على “الكلبة ” التي تلعقه بشكل عميق و يوضح ذالك عن تقاسم الأكل معها ، ليستغل المخرج و المؤلف الشكل التراكمي من انتماء “العربي” ليحدثنا عن التحكم و صناعة الوعي عبر الخنوع و الارتكان في اسقاط على الذات الجماعية ليحثها على الحلم و التحرر تتماهى تماما مع الاعمال التعبيرية و تقتل الانطباع في مستوى تأليفي من امتداد العرض الى آخر استبدالي يكشف عن كل لحظة من العمل المسرحي المترابط و المنسجم .
 إن مسرحية “الموقف ” لمخرجها و مؤلفها ” خالد ديدان ” تتبنى السحر في اللغة و الاداء من اختيار العناصر بالرغم من قسوة الموضوع و كثافته اللا محدودة ، لكنه استباح ما لا تبيحه القواعد في العمل المسرحي من خلال تطور الاحداث و الاسلوب الحواري المعتمد في الاغراء و الاجتذاب كما لو أنه طبيب نفسي يكتب وصفاته الدرامية بأساليب تفوق المتوقع بتوصيفه الهمجية الغربية و البنية الذهنية القائمة في الخوف ممن يختلف عن مقوماتهم الحضارية الزائفة التي تلتهم الاخر و تنفر منه في آن ، و بين نتيجة محيطه و حيزه الذي يعيش فيه من تشتت للمعنى باستخدام مهارة فنية دقيقة و حوارات مضغوطة لا تبطئ الاحداث و لا تسارعها .

0 comments:

إرسال تعليق

Translate/ترجمة

محمد VI ملك المملكة المغربية

محمد VI ملك المملكة المغربية
ليس هناك درجات في الوطنية، ولا في الخيانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا، وإما ان يكون خائنا
 
جميع الحقوق محفوضة موقع العرائشية 2013 اتصل بنا