بواسطة
17/05/2019
الفساد هو
العنوان العريض الكامن وراء تعطيل التقدم بالمملكة ، فتشابك المال و
السلطة عرّض المؤسسات لعاصفة من الازدراء و الحقد من قِبل المواطنين بالرغم
من تأكيد القيادة الوطنية العليا و دعمه لإستراتجية اجثتات الفساد ، لكنه
ليس كافيا مع تطور هذه المنظومة التي تعدت سيادة القانون و حرمته ، بل أضحت
معها كل الاشارات القادمة من الأعلى غير كافية حتى و ان تحركت بعض
المؤسسات كالمجالس العليا للحسابات تظل مكتفية بمداعبة الفساد دون التحرك
بجدية لحماية المال العام و المجال الوطني . و لكي نضع الاطار الذي نحن فيه
ألا و هو قطاع " التموين و التنظيم و التجهيز " بالمغرب ، نظرا لما يضخه
من أموال على خزينة الدولة و ما يُصرف عنه في القطاعات الرسمية و كدا اليد
العاملة المشغلة و الدورة الاقتصادية التي يلعبها ... وما يُرفق معه من
تجاوزات و اختلاسات و تضخيم في الفواتير و الهيمنة الموروثة و الاخرى
المستحدثة الى غير ذالك ، لأن الحديث هنا لا تقع مسؤوليته على القطاع أو
فريق مدني أو سياسي معين بل السعي نحو البدائل الاصلاحية الحقيقية ، مع
العلم أن القيام بعملية جراحية لهذا القطاع يُوجع البعض لكونه قناعا للبعض و
للأخر دخل اضافي ..
لكنه ضروري للخلاص من هذه الوضعية السرابية ،
فالامتعاض كل الامتعاض عندما نرى بالوقائع الميدانية أن الشريحة الواسعة و
العريضة التي تعمل بهذا القطاع هي إما كمبارس أو ملحقة أو مقصية أو مخصية
بشكل ممنهج لغياب السيولة و العلاقات المشبوهة بالتالي كل هذا يقع ضمن
تأثير السلطة و المال و النفوذ .. لا نقول في هذا المدخل أنه أمر واقع حيث
تكون الدعوة الى الكمون جراء هذا التجديف إن صح القول بل ما يجب أن نسعى و
نطمح اليه هي دورة اقتصادية و اجتماعية عادلة تعالج الاوضاع و التداعيات
الصامتة التي تندرج في خندق الفساد و أفساد الحياة العامة ، و هذا ليس
باختراع و لا سحر موصوف ( الصفقات العمومية ، تنظيم المهرجانات ، التجهيز
...و غيرها الكثير ) لا يوجد بُد للتدقيق في التفاصيل لأن الحقائق مكشوفة
وعلانية لا تحتاج الى توضيح بحيث يستوجب على القضاء و النيابة العامة و
المؤسسات الرسمية أن تضع في حساباتها و عيونها التوجهات العامة .
و في نفس
السياق كانت محاولات عدة في مقالات و لقاءات وطنية و اشارات تُسلط الضوء في
الموضوع مع الاحالة الى وقائع الفساد و النهب و المحسوبية و العلاقات
المشبوهة و القرابة أو القرب من صناعة القرار السياسي بالدولة أو السلطة
... مع تقديم تقديرات و مقاربات التي تضرب صلب العقيدة الديمقراطية التي
تتبناها الجهات المسؤولة على مستوى الخطاب ؛ حيث تمت مواجهة هذه الحقائق
بنوع من الاستهجان و اللامبالاة و الوجع ...! لكن ثمة موضوع بالغ الأهمية
يتعلق بهذا المجال الحيوي و تحديدا "الشركات الاجنبية الاوروبية و التركية "
التي اخترقت قطاع التموين و التجهيز و التنظيم تحت " غطاء الاستثمار
الاجنبي " ، فهذا الغطاء مكنّ الهيمنة لهذه الشركات في مخالفة تامة
للقوانين و الطاقات الكبيرة و الامكانيات الضخمة للمحلي حيث تداخلت فيها
النفوذ و السياسة و الايدولوجيا على حساب المصلحة العامة للوطن في خدمة
اجندات أقرب ما يقال عنها أنها في ضمن "التنظيم الاخواني العالمي " و القصد
هنا تركيا ، التي سلكت منهجا مقاربا للشركات الاوروبية في " القسمة الضزى "
للخيرات الوطنية ، فليس هذا الأمر علي سبيل الصدفة بل جاء عبر التمهيد لهم
داخل مجالنا الوطني بكل السبل ، كأنما هي استجابة لدعوات شيطانية للإساءة
للمتدخلين و الفاعلين الوطنين بل للمغاربة وطاقاتهم الضخمة التي تزخر بها
... يُبيت منها ربما ؛ أو من ورائها رفع الاحتقان و تحقيق الهدف المنشود
لدولة سرورية على المقاس التتريكي .
الان و
بشكل مكشوف أضحت المحاصصة في توزيع الصفقات و الأنشطة الوطنية الكبرى و
غيرها ، تأخذ شكلا متطرفا مما لا يصعب على المغاربة لمعرفة النشاط أو
الصفقة لتتكون الفكرة النموذجية للجهة الداعمة في اطار "القسمة الضزى " أو
"التوزيع العادل للفساد " ، مما يؤكد على انسداد الافق الديمقراطي أو حتى
الايمان بالطاقات الوطنية بحيث غدت معها مؤسسات الدولة الرسمية رهينة
التدبير الشخصي في اطار لعبة تقاسم المال بين النافذ و السياسي ، و هذا
يعني شيء واحد هو فقد البوصلة و الحس الوطني و كل توجه خلاّق تنهجه الجهات
العليا مما يوحي الى أحد أهم الاخطار التي تحلق فوق مجالنا الوطني .
إنّ
تغول هذه الشركات الأجنبية في قطاع التموين و التنظيم و التجهيز اضافة الى
الفساد يقضي بالأساس على الاستثمار الوطني الداخلي خاصة الشباب و يقضي
كذالك على السيادة الوطنية الضامنة لقوت المغاربة ، بالتالي يجب على
الأحزاب الوطنية الحقيقية و المؤسسات لإيجاد رؤية غير مكلفة اجتماعيا بمبدأ
العدالة الاجتماعية و تقسيم الثروة بما لا يضر بالتنمية و لا يقلص من
جاذبية الدولة اقتصاديا عبر شركاء وطنيين حقيقيين ، و كدا عن طريق تقنين
القطاع و تقديم الطاقة الوطنية كأولوية الأولويات لما لها من إمكانيات
هائلة التي تفوق الأجنبي و تتعداه بمراحل ، بدل رفع الاحتقان و تسميم
الأجواء و بحث _عن طريق قنوات الدولة _ بعض الجهات عن استعمال الأجندات
المدعومة من الخارج باعتبارها مرجعية روحية ايديولوجية مقدسة دون الاكثرات
لسكان البلد و عقيدته المتأصلة ، بالموازاة يجب محاصرة بعض المسؤولين و
أصحاب النفوذ عن الاستعانة بالخارج من جهة شمال المملكة التي تمتص خيرات
البلاد بدعم مفضوح من الداخل و الدليل هي الحسابات الضخمة في المصارف
الاوروبية للبعض ...
0 comments:
إرسال تعليق