فقدان الذّاكرة....!

الرسالة السادسة
عزيزتي: “شمس النساء زهرة الفضي”
بقلم: عبد القادر العفسي
أنت تحاولين أن تكوني متمردة، تتكلمين بمفاهيم أكثر غباء.. لكنك كل ليلة تتأصلين وتكتمي على أنفاسي، أحوِّلك إلى عبارات على صفحاتي الموشومة بدمي، أشعر في غالب الأحيان أني لا أستطيع أن أوقف هذا المد الذي يجتاحني..؟ فأنا أحبك كما أنت، أريد الحفاظ عليك دون تملكك.. فلندع التيار يجري ويرسم خطاه… أتذكرني هذه الكلمات المتعبة..؟
إذن هو رحيل أخر لابد منه.. سافرت هذه الأيام.. إلى الأمام والخلف، فلم يكن إلا طيفك مرة أخرى يلاحقني، تسألت في سفري إلى الخلف إذا كان الناس يعلمون أن بعض “الآلهة” خلقوا وأسسوا عوالم لكل هؤلاء البشر ثم تركوهم وحدهم دون جنازة، دون عزاء..؟ أعتقد أنهم كانوا مسافرين مثلي، جاءوا لخلق البشر وانصرفوا ثم بقي هؤلاء يقدسون الخلق والرحيل، لكني أخبرتك عن قصة الخلق عند سماعنا أول أغنية:

(Joe Dassin, Et si tu n’existais pas)
ما نقطة تحولك.. يقترب لحنك مني.. ترقصين أحيانا بالزي الكلاسيكي، فاللحن هو لحن قلبك يتحول إلى موسيقى.. كما اعتقدت..؟ أشعر بأني آخر إنسان يغادر هذا الكوكب في سفري هذا، ألق نظرة غريبة على الجميع وأرى الكيفية التي يُحاصَر بها الشيطان عن طريق الخطأ، وكيف أن الشيطان متهم في كل الجرائم، بل يا عزيزتي هذا الحزن وهذا الفقدان للذاكرة ناتج عن الشيطان الحقيقي “الرغبة” فهي فخر الدماغ والجسد وفخر الإرادة الحرة، أعلم أن الباقي يجدني مجرد من أي نقطة اللاعودة وأن النهاية اقتربت وانقرضت وعلى أن الشعور بالوحدة هي الرياضة اليومية التي أمارسها… سأحتفظ بهذه الأفكار لنفسي لأنها تركيبات تقع ضمن المابعديات، ما بعد العقل، ما بعد الطبيعة…
عزيزتي شمس النساء زهرة الشوك الفضي:
في غالب الأحيان أتسأل.. ماذا يقول الناس عني..؟ لكني أتصور أن هذه الفكرة كالتبول على التبان من شخص لف العالم وأحس بالقرف من الجميع، فماذا وقع بعد هذا التسأل والإحساس..؟
حدث يا عزيزتي، بأن الباقي مريض بمرض طفيلي “الخلود”، لكني متأكد أن الجحيم سينتصر وأن العالم الموازي لعالمنا يأخ* معركته بجدية ولا يتوارى في إظهار قوته لنا، يعدنا بالعودة إليه، يفتح بواباته، أقول للجحيم لا تهتم فوزك حتمي… لا أحاول من هذا القيام بعملية جراحية للحياة والخلق بل أكشف لعنة الباقي من الناس ولعنتك.. ولو فتحت عقلك معي ولا تصنعي ما صنعوا بي هم، ستجدين متعة وترفيه ونقل إلى عوالم لم تُفكري بها من قبل، وستعرفين أن “المادة” لها بوابة الجحيم الذي ينتظر بشغف..!
على الأقل أني أمارس الجنس وراء عملية تركيبية مشفرة أعتمد بالكتابة والرمز لخطها.. حقا أشكرك لأنك وحدك تقرئين قذفي، وأعلم في ذهن الأخر فكرة جنوني، لكنها تجعلني مسرور لأني أُنشىء مخاليط أكثر غرائبية وقاتمة نتيجة الحزن الذي أجده والآلام الذي أصادف كل لحظة.. حتى أني أحلم بشكل يومي: جعلت كل البسطاء يشعرون بالسعادة.. بعدها أعود إلى عالمي وهذا الكوكب وأدرك أن هؤلاء الكائنات البشرية لا تتعلم من الماضي.. وأنت واحدة منهم..
تتظاهرين أنك لا تقرئين لي، ترقصين كأنها نهاية العالم كما يفعل القابضون بهذا الوطن لأبناء بلدي… إنها مأساة لكني أضحك وأبكي عندما تتسارع الموسيقى في إيقاعاتها وأنت ترقصين بلباسك الكلاسيكي دون أن تنتبهي أن القمر يقترب كما يقترب المد ممن يشاركونك لحظة النهاية، سأجلس في ركني الجانبي وأعرج غليك كل ليلة وأمسك بصدرك وأقبلك بشهوة النهاية، قبلة بها بكاء الفراق والوداع الأخير…
فقط افترضي هذا، أن هنالك وطن بدون عاشق، وأن رجلا وسيدة هما أنت وأنا، ستعلمين حينها بهذا الافتراض ماذا يعني فقدان الذاكرة.
انتظريني عزيزتي فنحن مسكونين وشركاء بهذا الوطن، فالمد فوقي ويجب تفجير الماء من الباطن… لن أتأخر..
لوحة “دفن أتالا” ل”جيروديه”.

0 comments:

إرسال تعليق

Translate/ترجمة

محمد VI ملك المملكة المغربية

محمد VI ملك المملكة المغربية
ليس هناك درجات في الوطنية، ولا في الخيانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا، وإما ان يكون خائنا
 
جميع الحقوق محفوضة موقع العرائشية 2013 اتصل بنا