العرائش :يأتون بمسؤول عوض مسؤول لكن الديار على حالها !
بقلم : عبد القادر العفسي
طالما سكان العرائش اشتكوا ، بكوا ، ناحوا .. على وضعية مدينتهم ” العرائش
” التي كان عمرانها يُبهر الزائر من داخل المغرب و خارجها من هندسة
أحيائها سوءا في محيط المدينة القديمة أو الجزء الموريسكي منها أو حتى
أحيائها الصفيحية ، حيث كانت تشملها ثقافة التناسق و النظافة و البساطة معا
، إلا أن ظواهر التراجع العمراني و الحضاري جعل منها حالة استثناء بين مدن
المغرب قاطبة حتى لا نذكر المدن الكبرى ك” إفران ” و ” أصيلة “..كنماذج
تعبر عن حسن نية مدبري شأنها المحلي .
لقد عرفت العرائش مسلسل تريفي
ابتدءا من اعلانها اقليما بداخل حوض ” اللكوس ” ، و بعطف الله وحمده
استفادت العرائش _ المدينة المنكوبة _ في أواسط التسعينيات بأغلفة مالية لا
بأس بها كي تكون مدينة ذات قطب سياحي ، اذ أن العكس هو ما حصل بفعل ضخ هذه
الأموال في ميزانية ” تأهيل العرائش ” تَّم هَدم جميع معالمها الجميلة و
التاريخية و ان كانت تؤرخ لفترة الاستعمار كانت جماليتها تُنسينا في ذلك ،
تَّم هدم ” ساحة اسبانيا ” ( ساحة التحرير حاليا ) توأم لأجمل و أروع
نافورات عاصمة الأندلس ” اشبيلية ” تلك النافورة التي تم تدشينها يوم
عقيقة المغفور له الحسن الثاني ، حقا .. كانت آية في الجمال و الدقة
العالية في علم الهندسة و الفلك و رسومها الزجلية الخلابة و حوضها العائم
تغمره أصناف نادرة من سمك الماء الحلو و ساعة شمسية عمادها اثنى عشر نخلة …
للأسف و الويل كل الويل الذي قرر تبذليها بنصب مقياسه البشاعة و بؤرة
النتانة و المياه الراكدة زادت من تفريخ الناموس ..، فبغض النظر عن هذه
المرحلة و ر جوعا إلى الحقبة السيئة المتلاحقة من تدبير الشأن العام المحلي
لهذه المدينة المنكوبة ، جاءتها أظرف مالية اخرى يعود فضلها إلى الادارة
المركزية لوزارة الداخلية خُصصت لتأهيل المدينة فدكت على ما أعتقد في عهد
العامل ” بوسيف ” الاهم ! تغيرت ، فحلت محلها نافورة عبارة عن صحن اسمنتي
لا يسمن و لا يغني من جوع ، ناهيك عن ساحة اخرى يطلق عليها يا حصرتاه ”
ساحة الشهداء ” و كانت تجسم قصة الكاتب الاسباني ” سيرفانطيس ” ، ومن أغرب
التصاميم الهندسية أن وضع المسؤول في وسطها ساعة مشلولة العقارب كرطونية من
النوع الرديئ و رخام كئيب ينم عن شخصية مسؤوليها الهندسيين و المقررين
السياسيين مجلسا و عمالة هي بدورها هذا المسخ شكلت بؤرة لتفريخ الحشرات …
فحتى فكرة تخصيص جزء من شارع ” الحسن الثاني ” إلى الراجلين بواسطة الاسمنت
المطبوع لَهُوَ آية في البشاعة و سوء التدبير العمراني و الحضاري ..،
فربحا للوقت و الكف عن التوصيف الذي يتعب البدن و الرأس نقول للسيد العامل
الجديد في ملف تأهيل المدينة أنّ :
في زمنكم ارتكبت نفس الأخطاء و
تكررت ، فالمقاولات التي تم اختيارها لإنجاز المشروع الثالث التي تحظى به
المدينة داخل أربعة عقود الاخيرة ، هذه المقاولات لا ترقى إلى مشاريع تأهيل
المدن بحجم مدينة العرائش الجميلة التي تستحق خيرة التقنيين و المهندسين و
المُعينين و المنتخبين نظرا للقيمة الجغرافية و التاريخية و الأغلفة
المرصودة لإعادة الاعتبار لهذا الحيز الجغرافي المنكوب .
السيد العامل المحترم بكل صدق :
عكس المقاولات المتعاقدة مع العامل الرائع ” نبيل الخروبي ” نلاحظ أن
الذين يشتغلون داخل الأوراش التي أعطيتم انطلاقتها لا يعملون وفق الشروط
البدائية للسلامة الصحية و لا أحد يرتدي خوذة الوقاية أو حتى لباس يوحي
بنجاعة المقاولات المشغلة بل أكثر من هذا و لا ورش من هذه الأورشة يتوفر
على خلاطة ميكانيكية للإسمنت ، فالعمال يستعملون أسطال لجلب المياه من
المواطنين المجاورين و المحلات مستعملين مجارف الكابروك على عتبة هذا
الجوار … من جهة اخرى ورشات التأهيل تعمل في سيرورة همجية بدائية كل منها
على حِدة ، فالمكلفين بمد أنابيب الصرف الصحي يقومون بالحفر دون تغطيتها و
إن تم ذلك فيرجعون الرمال المستخرجة فقط تاركين الغبار يتصاعد كمساهمة منهم
في تلويت الفضاء في زمن ” كورونا ” … آخرون يعملون على وضع شبكة الانارة
العمومية حيث يقومون بنفس الزلة ضاربين عرض الحائط صحة و سلامة المارة و
الجوار ، أما الفرق المكلفة بالتبليط فلم تقم بأشغالها إلا بعد ربما شهرين
أو أزيد من الورش كشارعي ” علال بن عبد الله ” و ” محمد بن عبد الله ”
كنموذجين .. بالتالي :
_ هل دفاتر التحملات لا تُحترم بفعل فاعل ؟ أم أنها تنص على ذلك !
_ أين يكمن المشكل : هل في السيد العامل ؟ أم في طاقمه التقني الموكل له مراقبة الأشغال و رفع التقارير بتقدمها و جودتها ؟
_ فهل من مسؤول له غيرة على هذا الوطن الحبيب ينكر يوم ما ذاته و يرضخ إلى التعليمات الملكية السامية !
لنا عودة في الموضوع .
0 comments:
إرسال تعليق